هل خان الإخوان الدين قبل الوطن؟

وكالة وطن 24 الاخبارية : “كلُّ مسلمٍ لا يؤمن بهذا المنهج ولا يعمل لتحقيقه، لا حظَّ له في الإسلام”، كلمات حسن البنا الكابوسية من كتابه الرسائل. يقصد البنا بهذا “المنهج” منهج جماعته التي بدأت كفكرة عبقرية في جنبات مبنى المخابرات البريطانية. الكلمات واضحة، صريحة، معبّرة، لا تحتمل أي تأويل. البؤساء المحرومون الذين لا ينتمون لجماعة ومنهج الإخوان خارجون من الدين الإسلامي رسميًا. كلام تكفيريّ بحت.
“هدفنا الوصول إلى أستاذية العالم” — كلمات حسن البنا في كتابه مذكّرات الدعوة والداعية. “نحن نتطلّع إلى أستاذية العالم” — كلمات البنا مجددًا في كتابه قضيتنا دعوتنا. وأستاذية العالم مصطلح ماسوني خالص. وُلد هذا المصطلح البغيض على يد الجنرال الأمريكي المخيف “ألبرت بايك”، ومعناه السيطرة التامة على العالم. هدف سياسيّ بحت لا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد.
“لن يثنينا عن تحقيق أحلامنا عوائق نتنة مثل الانتماء لأرض أو حدود أو مكان” — كلمات سيد قطب من كتاب معالم في الطريق، دستور الجماعات التكفيرية في العالم. “الوطن حفنة من تراب نجس” — كلمات قطب في موسوعته في ظلال القرآن. فأحلام الجماعة أكبر من الأماكن والحدود والأوطان. فكر قطب هو إصدار حديث من فكر البنا صاحب الأصول المغربية، ولكن بكلمات أشدّ وضوحًا وقسوة.
ملخص الفكر السابق، وهي فقرة شديدة الأهمية من وجهة نظري المتواضعة: المسلمون خارج الجماعة ليسوا مسلمين من الأساس. عناصر الجماعة أهم وأعظم من حرمة النفس والدم. نخبة الجماعة فوق الجميع حرفيًا، فوق الأوطان، لأن هدفهم الذي يبدو في نهاية النفق هو أستاذية العالم. علاقتهم بالوطن وناسه مثل علاقتك بجيرانك عند استئجارك لشقّة مفروشة مؤقتًا؛ علاقة عابرة بلا جذور، كعلاقة المنحرفين بفتيات الهوى. لا شيء سيقف في طريقهم مهما كان. إنها أستاذية العالم يا سادة.
“طز في مصر.. وأبو مصر.. واللي في مصر” — مقولة محمد المهدي عاكف، مرشد جماعة الإخوان، في الحوار الصحفي الشهير مع مجلة روز اليوسف عام 2006م. كان الأخ عاكف يقصد ويعي ما يقول، وكرر نفس الكلمات في حوار تلفزيوني عام 2012م. يجب أن ترى كلمات عاكف في ضوء كلمات البنا وقطب.
“إيه يعني لما يضحّي 100 ألف شخص بأرواحهم؟” — هذه المرة كلمات “خميني مصر” حازم أبو إسماعيل في حوار تلفزيوني مع خالد عبد الله على قناة الناس مطلع عام 2013م، في ذروة الغضب الشعبي على مندوب الجماعة في القصر الرئاسي محمد مرسي. يجب أن تُقرأ كلمات أبو إسماعيل في ضوء كلمات البنا وقطب.
“إنهم جند فرعون وهامان” — كلمة عبد الحميد كشك التي تكررت في مئات الخطب بلا مبالغة. تحريض تام ضد شباب مصر. العمليات الخسيسة ضد الجيش والشرطة ورموز مصر منذ الثلاثينيات حتى لحظة كتابة هذه السطور كلها تحمل فكر البنا وقطب مع بهارات كلمات كشك. تغليف ديني لفكر شيطاني بشع.
“وإيه يعني 200 ألف يروحوا؟ ده مسك وعنبر، وليهم مكان في الجنة اسمه غزة” — الكلمات الرائجة لصاحبة الفكر الإخواني هالة سمير. استخفاف بالدين والدم، جهل تام بالمقاصد الشرعية، وهي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال. كلمات هالة تعكس جوهر أفكار من صنعوا السابع من أكتوبر. فهم يحبّون الجهاد في سبيل الله على أشلاء وجثث الآخرين، وفي ذات الوقت يعقدون صفقات شيطانية رابحة مع أبالسة الأرض. أعلم أن الأخت هالة تملك ملايين المتابعين والمعجبين، ولها تأثير كاسح على الكثيرين. أعلم أنني أحرث في بحر مالح، لكن على الأقل سجّلت شهادتي المريحة لضميري أمام الله سبحانه وتعالى.
الحنجوريون في غزة والجزائر الذين نشروا “البوست الدوّار” عن حتمية التضحية ببضعة ملايين من المصريين كي تتحرر غزة، هم نتاج هذا التاريخ الطويل من الفكر السياسي المسموم الذي يتخفى ببراعة وراء الدين. من صنعوا هذا الفكر المريع ينطبق عليهم قوله تعالى في سورة الأنعام:
“إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ” — صدق الله العظيم.
المصدر : حفريات